المستشار طارق البِشْري.. فرصة ذهبية لمصر الحديثة



كتب عمرو محمد | 18-02-2011 00:12

لاقى قرار المجلس الأعلَى للقوات المسلحة بتعيين المستشار طارق البشرى،
نائب رئيس مجلس الدولة المصري السابق، رئيسًا للجنة تعديل وصياغة الدستور
بعد ثورة 25 يناير ترحيبًا كبيرًا من جانب جميع شرائح المجتمع المصري، في
ظلّ ما يتمتع به المستشار البشري من تأييدٍ وترحيبٍ من الجميع، باستثناء
أعضاء وقيادات النظام البائد.

هذا النظام وقياداته حاولوا بكلِّ ما يستطيعون تعطيل هذا الرجل وحقّه
القانوني في الترقِّي وتولي رئاسة مجلس الدولة، وهو الفقيه الدستوري،
والمؤرخ الكبير، المشهود له بالحيادية والوطنية والإخلاص في عمله وفق ما
يحمله وينقل عنه كل من تعامل معه.

لذلك فإنّ أحلامًا كبيرة تُبْنَى على المستشار البشري، ليخرج من المخاض
دستور جديد لمصر، يحفظ أمنها، ويكتب سلامتها، ويُعيد إليها إسلامها
الحقيقي، ويردّ الحقوق لأصحابها، ويدحر الفاسدين إلى معاقلهم.

من هنا، فإنَّ البشري صارت أمامه فرصة ذهبية، كما يُقال للتغيير، وإحداث
ثورة دستورية صحيحة في مصر، لتضاف إلى ثورة الشباب، ولا أقل من أن تكون هذه
التعديلات ذات مرجعية إسلامية، فقد حانَ الوقت لكي تتنفس مصر فيه نسائم
الإسلام، وتستعيد دعوته الصحيحة، بعيدًا عن التزييف، بعدما سادت العلمانية
والليبرالية ردحًا طويلاً من الزمان، ولم يجنِ الشعب المصري من وراء ذلك
كله سوى هروب الفاسدين، واستنزافهم لثروات المصريين.

هي إذًا فرصة كبيرة للتغيير في مصر، بما يجعل القاهرة على أعتاب ثورة
حقيقية في كل شيء، وهو ما ينبغي النظر إليه على أنه تلبية لمطالب الجماهير،
مهما كانت التفافات الأمريكيين والإسرائيليين على التعديلات الدستورية
المرتقبة، وهم الذين ظلوا يساندون الرئيس المخلوع ونظامه، ويتحسَّرون عليه
حاليًا بأنهم لم يكونوا يتصوَّرون أن يسقط مبارك ونظامه بهذه السرعة.

والبشري هو أحد أبرز القانونين المصريين المعاصرين، يمتلك ثروة هائلة من
الفتاوى القانونية والدستورية والتشريعية، وهى الفتاوى والآراء التي تميزت
بالعمق والتحليل والتأصيل القانوني الشديد. فهو يتميز بإحكام الصياغة
القانونية، ولا تزال تلك الفتاوى إلى الآن تُعِين كلاً من الإداريين
والقضاة والمشتغلين بالقانون بشكل عام على تفهُّم الموضوعات المعروضة
عليهم.

ولد "البشرى" أول نوفمبر من العام 1933 في حي الحلمية بالقاهرة في أسرة
البشري التي ترجع إلى محلة بشر في مركز شبراخيت بمحافظة البحيرة شمال
القاهرة.

والمستشار البشري عُرِف عن أسرته الاشتغال بالعلم الديني والقانون؛ إذ تولى
جده لأبيه سليم البشري- شيخ السادة المالكية بمصر- شياخة الأزهر، وكان
والده المستشار عبد الفتاح البشري رئيس محكمة الاستئناف حتى وفاته سنة
1951. كما يعرف أن عمه عبد العزيز البشري كان أديبًا.

والبشري تخرَّج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة في العام 1953، وعُيِّن
بعدها بمجلس الدولة واستمر به حتى تقاعده سنة 1998 من منصب نائب أول لمجلس
الدولة ورئيس الجمعية العمومية للفتوى والتشريع.

ورئيس اللجنة الدستورية بدأ تحوله إلى الفكر الإسلامي بعد نكبة 1967، وكانت
مقالته "رحلة التجديد في التشريع الإسلامي" أول ما كتبه بعد تحوله، وعلاوة
على ذلك فهو لا يزال يكتب في التاريخ والفكر الإسلامي. ويعدّ كتابه
"الحركة السياسية في مصر 1945-1952" من أبرز مؤلفاته، لتضاف إلى مؤلفاته:
الديمقراطية ونظام 23 يوليو 1952، المسلمون والأقباط في إطار الجماعة
الوطنية، بين الإسلام والعروبة، منهج النظر في النظم السياسية المعاصرة
لبلدان العالم الإسلامي.

ومن مؤلفاته أيضًا: الديمقراطية والناصرية، سعد زغلول يفاوض الاستعمار:
دراسة في المفاوضات المصرية- البريطانية 20 - 1924م، دراسات في الديمقراطية
المصرية. وشارك في وضع منهج الثقافة الإسلامية بجامعة الخليج العربي بورقة
عنونها "نحو وعي إسلامي بالتحديات المعاصرة"، وصدرت سنة 1988.

كما قامَ بتأليف منهج النظر في النظم السياسية المعاصرة لبلدان العالم
الإسلامي، مشكلتان وقراءة فيهما، شخصيات تاريخية. وفى عام 2006 أصدر كتابًا
عنونه "مصر بين العصيان والتفكك" وهو عبارة عن عدة مقالات صدرت له واعتبر
فيها أنّ العصيان المدني فعل إيجابِي يلتزم عدم العنف، ويقوم على تصميم
المحكومين أن "ينزعوا غطاء الشرعية تمامًا" عن "حاكم فقد شرعيته فعلًا" منذ
زمن.

وكتَب سلسلة بعنوان "في المسألة الإسلامية المعاصرة " بدأ صدورها سنة 1996م
بالعناوين التالية: ماهية المعاصرة، الحوار الإسلامي العلماني، الملامح
العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر، الوضع القانوني المعاصر
بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي